المفاهيم عند الأطفال .. يُشكل النمو المعرفي جزءا أساسيا في نمو الأطفال، وتجمع الدراسات على أن تعليم الأطفال في مرحلة مبكرة يفتح الباب على مصراعيه أمامهم للتعرف على العالم من حولهم، من خال احتكاكهم بالناس والأشياء المحيطة بهم في بيئتهم. فالطفل لا يمكن أن يعرف أو يفهم ماهية ما يدور حوله دون أن يتفاعل معه ويختبره بنفسه سواء كانت الخبرة حقيقية أم من خلال صورة أو شرح أو مجسم أو حتى من خلال اللعب.
ويرى كثير من التربويين أن برامج الأطفال الصغار التي تركز على زيادة معدلات ذكائهم سريعا ليست الطريقة الأفضل لنمو الأطفال، بل إن البرامج والأنشطة التي تركز على زيادة مفاهيمهم الأساسية هي الأفضل، بشرط ألا يجبر الأطفال عليها.

ويشير علماء النفس والاجتماع إلى أن المفاهيم لدى الأطفال لا تتكون دفعة واحدة، فهي تتطور من خلال تفاعل الطفل مع عناصر بيئته التي يعيش فيها، لكن وتيرة هذا التطور تعتمد على مدى استيعاب الطفل، ودوافعه.

وتبدأ عملية اكتساب المفاهيم لدى الأطفال منذ مراحلهم العمرية الأولى، فهي تقوم على الإدراك الحسي، وملاحظة الطفل لما حوله من أشياء وأشخاص وأحداث، وهناك أربع مراحل لاكتساب المفاهيم عند الأطفال هي: الإدراك الحسي، والموازنة، تجريد، والتعميم.

والملاحظ أن الأطفال يدور أغلب تفكيرهم ضمن مستوى الإدراك الحسي أي حول أشياء مفردة محسوسة، لا أفكار عامة ومعان كلية، ويبدو ذلك جليا إذا ما طلبت من أطفال في سن الخامسة أو السادسة أن يكتبوا موضوعا من اختيارهم، فكل ما ستطيعون كتابته لا يعدو كونه أوصافا لمواقف تعرضوا لها أو حدث لفت انتباههم، فالطفل في هذه السن يعرف الأشياء بتعاريف عملية ساذجة؛ فالكرة شيء يلعب بها، والسكين يقطع بها الخبز، والكرسي نجلس عليه، وكلما تقدم الطفل في العمر اقترب على التدرج من فهم المعاني المجردة واستخدامها كأداة لتفكيره.

وفي نهاية هذه المرحلة الحسية الحركية وبداية ظهور الوظائف الرمزية للغة عند الطفل نلاحظ أن بنية الطفل العقلية بدأت تتكون شيئا فشيئا، فتظهر سلسلة من التغيرات المهمة في تفكير الطفل، كظهور اللغة وتكوين الأفكار البسيطة والرموز والتقليدية والصور الذهنية، كما يبدأ الطفل في تكوين الصور العقلية للعالم الخارجي، ولأفعاله الخاصة، وهذه الصور الإجمالية العامة في البدايات الأولى للتفكير الصوري، وهذا بدوره هو سمة هذه المرحلة العمرية، حيث التفكير التصوري من سن 2- 7 سنوات.

ولقد ثبت أن الأطفال يطيلون التطلع إلى الأشياء المعقدة أكثر من تطلعهم إلى الأشياء البسيطة، ولعل ذلك يعود إلى أن الأشياء المعقدة تحتوي على معلومات أكثر، وتتطلب المزيد من التفكير. والبيئة التي يولد فيها الطفل تدفعه إلى التفكير, لذلك تجده يستخدم كل حواسه للتعرف عليها ويكون شغله الشاغل منذ إدراكه للأشياء حوله اكتشاف بيئته، بذلك تتكون لديه مهارات جديدة، وعليه فإن القدرات العقلية للطفل تقوم على هذه الخبرات المبكرة وتتكون منها.

أما عملية التفكير، فتقوم على ركائز مختلفة، وتهدف إلى غاية محددة، وتستعين بوسائل متعددة، تنتهي بها إلى تكوين المعاني أو المفاهيم.

وختاما يمكن القول إن المفاهيم ضرورية للحياة العقلية، فهي تقدم لنا العالم في فئات تسهل تقديمها للطفل في صورة بسيطة، وتسهل عملية الفهم والتفسير والتنبؤ بالسلوك، وتعد جوهرا للسلوك الذكي، كما أنها تساعدنا على نقل الخبرات للآخرين
والاستفادة من خبراتهم.

محمد عباس عرابي
باحث تربوي

 

ومن الممكن الاعتماد علي دردشة كتابية لمساعدة الطفل في تطوير مهارات الكتابة والقراءة

 

admin

آخر الموضوعات

نصائح لبشرة مثالية

لا يمكن لأي شخص أن ينكر أن الحصول على بشرة مشرقة وخالية من العيوب ليس أمرًا سهلًا،…

4 سنوات ago

فوائد استخدام غسول النيم للوجه

النيم ، وهو نبات يحتوي على عناصر علاجية وعلاجية متعددة ، لا يقتصر فقط على…

4 سنوات ago

الأرق: الأسباب، الأعراض والعلاج

يعاني الكثير من الناس من مشاكل في النوم تمنعهم من الحصول على قسط كاف من…

4 سنوات ago

الإنترنت جزء من حياتنا إذا أحببنا ذلك أم لا .. وكذلك المال

كما نعلم جميعًا في عالم اليوم ، لا أحد في أمان من الإنترنت ، وليس…

4 سنوات ago

تجميد البيوضات

يعتبر سن الإنجاب عند النساء محدوداً، فخصوبة المرأة تبدأ بالتناقص مع تقدم العمر بشكلٍ تدريجي…

4 سنوات ago

أبهري ضيوفك ب تشيز كيك الجبن بجوز الهند ألذ تشيز كيك ستتذوقيه

هل تذوقت من قبل تشيز كيك الجبن بجوز الهند؟ إذا لم تجربها، فسوف تتفاجأ بالطعم،…

4 سنوات ago